مع بدء الاقتصادات في التعافي من الركود الناتج عن جائحة كورونا، تتجه البنوك المركزية الرئيسية الآن نحو إعادة السياسة إلى طبيعتها. لا تزال مسارات السياسة النقدية تعتمد بشكل كبير على مدى نجاح الاقتصادات في مواجهة سلالة دلتا الجديدة والمخاطر المحتملة من موجة الخريف.
يقود الاحتياطي الفيدرالي دورة التشديد النقدي مع الاتجاه إلى تقليص مشتريات الأصول خلال الأشهر القليلة المقبلة مع اقتراب الاقتصاد من التعافي الكامل. كما انضم بنك إنجلترا إلى مسيرة التشديد النقدي حيث لمح خلال اجتماعه الأخير إلى أن التضخم المرتفع المستمر قد يتطلب سحب بعض التسهيلات على المدى القريب.
أشار الاحتياطي الأسترالي أن تقليص مشتريات الأصول قد يكون سابقًا لأوانه في هذه المرحلة. كما أبقى بنك كندا على سياسته دون تغيير مع استمرار مراقبة الوضع الاقتصادي عن كثب. أما البنك المركزي الأوروبي فينوي تقليص مشتريات الأصول تحت برنامج التمويل الطارئ (PEPP).
في سويسرا واليابان، تم الإبقاء على السياسة النقدية التوسعية دون تغيير مع استمرار ضعف الأوضاع الاقتصادية على المستوى المحلي.
الاحتياطي الفيدرالي يتجه لسحب التحفيز النقدي هذا العام
أشار مجلس الاحتياطي الفيدرالي يوم الأربعاء إلى أن الوضع الاقتصادي قد يتطلب خفض مشتريات الأصول مع توقع عدد متزايد من الأعضاء رفع أسعار الفائدة في عام 2022. أظهرت التوقعات الاقتصادية أن تسعة أعضاء يتوقعون الآن زيادة في معدل الفائدة الفيدرالية العام المقبل مع استمرار الاقتصاد في التعافي نحو أهداف اللجنة؛ استقرار التضخم عند 2٪ ومستويات التوظيف الكاملة. كان البنك المركزي قد أبقى على سعر الفائدة دون تغيير عند 0.25٪ خلال اجتماعه في سبتمبر.
صرح محافظ الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول خلال المؤتمر الصحفي بأن مشتريات الأصول قد دعمت الاقتصاد خلال أزمة الوباء وأنها لا تزال داعمة للوضع الاقتصادي ولكن حان الوقت لتقليصها. من المتوقع أن يعلن البنك عن خفض حجم برنامجه التحفيزي الضخم الاجتماع المقبل بشهر نوفمبر. في حين أن برنامج التحفيز قد ينتهي نهائيا بحلول منتصف العام المقبل.
خفضت اللجنة الفيدرالية توقعات النمو لهذا العام. فالآن تتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5.9٪ في عام 2021، بدلاً من 7.0٪ المتوقعة سابقًا في يونيو. فيما توقعت تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي لعامي 2022 و2023 إلى 3.8٪ و2.5٪ من 3.3٪ و2.4٪ على التوالي. كما مراجعة توقعات التضخم في نفقات الاستهلاك الشخصي من 3.4٪ إلى 4.2٪ هذا العام، ومن 2.1٪ إلى 2.2٪ العام المقبل. هذا، وتتوقع اللجنة وصول البطالة إلى 4.8٪ هذا العام و3.8٪ في عام 2022 و3.5٪ في عام 2023.

المركزي الأوروبي يقلص مشتريات الأصول تحت برنامج الطوارئ (PEPP)
مشتريات الأصول في إطار برنامج الطوارئ الوبائي (PEPP) مقارنة بالستة الأشهر الماضية. خلال اجتماع سبتمبر، قرر البنك الإبقاء على أسعار الفائدة الرئيسية، الإقراض الهامشي والإيداع دون تغيير عند 0.00٪ و0.25٪ و -0.50٪ على التوالي.
يتوقع البنك استقرار التضخم عند 2٪ على المدى المتوسط، بعد فترة مؤقتة من استقرار التضخم أعلى الهدف.
وفي الوقت نفسه، سيواصل البنك مشتريات الأصول تحت برنامج التيسير النقدي بواقع 20 مليار يورو شهرياً. يتوقع البنك أن تستمر عمليات شراء الأصول طالما تطلب الوضع الاقتصادي، وأن ينتهي البرنامج قبل وقت قصير من بدء رفع أسعار الفائدة الرئيسية.
كما قام البنك المركزي الأوروبي بتحديث توقعات النمو والتضخم. الآن يتوقع البنك وصول التضخم إلى 2.2٪ في عام 2021 مقابل 1.9٪ المتوقعة في يونيو، و1.7٪ في عام 2022 مقابل 1.5٪ سابقاً، و1.5٪ في عام 2023 مقابل التوقعات السابقة عند 1.4٪. من المتوقع أن ينمو اقتصاد المنطقة بنسبة 5٪ في عام 2021 مقابل التوقعات السابقة عند 4.6٪، وفي عام 2022 تم تخفيض توقعات النمو من 4.7٪ إلى 4.6٪ في حين تم الإبقاء على توقعات النمو لعام 2023 عند 2.1٪.

بنك إنجلترا يلمح إلى بعض إجراءات التشديد النقدي
أبقى بنك إنجلترا على معدل الفائدة عند أدنى مستوياتها 0.1٪ وبأغلبية 7-2 صوتت اللجنة لصالح الإبقاء على حجم مشتريات الأصول دون تغيير عند 895 مليار جنيه إسترليني حتى نهاية هذا العام. وأقر البنك بأن الحاجة لبعض خطوات التشديد قد ارتفعت منذ أغسطس الماضي، حيث أن الضغوط التضخمية أثبتت أنها أكثر استدامة.
تتوقع اللجنة وصول معدل التضخم إلى 4٪ بحلول الربع الأخير بسبب ارتفاع أسعار الطاقة والسلع. في حين تم خفض توقعات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث بنحو 1٪ إلى حوالي 2.5٪ دون مستويات ما قبل الجائحة.
على الرغم من استمرار عدم اليقين، يرى البنك أن التطورات الاقتصادية الأخيرة قد تتطلب سحب بعض التسهيلات النقدية. صوت اثنان من أعضاء لجنة السياسة النقدية، ديف رامسدن ومايكل سوندرز، لصالح خفض مشتريات الأصول بمقدار 35 مليار دولار. على عكس الاحتياطي الفيدرالي، يمكن أن تكون الخطوة الأولى لبنك إنجلترا هي رفع سعر الفائدة، ربما بنسبة 0.15٪، ومن المرجح أن يلتزم البنك بإنهاء شراء الأصول في ديسمبر كما هو مقرر.

الاحتياطي الأسترالي يقرر مد مشتريات الأصول لدعم التعافي
أبقى بنك الاحتياطي الأسترالي على سعر الفائدة عند 0.10٪ خلال اجتماعه في سبتمبر كما كان متوقعًا. ومع ذلك، عكس بيان السياسة تحولا في تقييم البنك للاقتصاد خلال الأشهر المقبلة. صرح البنك بأن تعافي الاقتصاد الأسترالي قد تضرر بسبب تفشي سلالة دلتا والقيود المرتبطة بها على النشاط الاقتصادي. من المتوقع أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثالث ويرتفع معدل البطالة خلال الأشهر القادمة.
أقر البيان أنه قبل انتشار سلالة دلتا، كان للاقتصاد الأسترالي يحرز تقدماً ملموساً مع نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.7٪ في ربع يونيو وبنسبة 10٪ تقريبًا على مدار العام. كما تعافى الاستثمار في الأعمال التجارية وتحسنت أوضاع سوق العمل. أيضاً انخفض معدل البطالة إلى أقل من 5٪ وكانت وتيرة الوظائف تتصاعد.
ومع ذلك، أبقى البنك على نظرته المتفائلة تجاه الاقتصاد، مشيرًا إلى أن هذه التراجعات من المتوقع أن تكون مؤقتة فقط. ومن المتوقع أن يؤدي تفشي فيروس دلتا إلى تأخير التعافي فقط، متوقعاً تعافي الاقتصاد مع زيادة معدلات تلقي اللقاحات وتخفيف القيود.
نظرًا للتطورات الاقتصادية الأخيرة، أعلن البنك عن تمديد مشتريات الأصول بوتيرة أسبوعية قدرها 4 مليارات دولار استرالي حتى فبراير 2022 على الأقل. ويعكس القرار عرقلة التعافي الاقتصادي وارتفاع عدم اليقين المرتبط بتفشي سلالة دلتا.

يتوقع البنك أن يواصل الاقتصاد نموه مرة أخرى في الربع الأخير من العام، ومن المتوقع أن يعود إلى مساره ما قبل الأزمة الأخيرة في النصف الثاني من العام المقبل. ومرة أخرى أكد البيان أن شروط رفع الفائدة لن تتحقق قبل عام 2024.
بنك كندا يُبقي على سياسته مع التزام الحذر
أبقى بنك كندا على سعر الفائدة عند 0.25٪ كالمتوقع، وأبقى على حجم مشتريات الأصول عند 2 مليار دولار أسبوعياً، بعد خفض قدره مليار دولار في الاجتماع السابق. يتوقع البنك أن يتسارع التعافي الاقتصادي في النصف الثاني من عام 2021، بعد انكماش بنسبة 1٪ خلال الربع الثاني. على الرغم من أن الموجة الرابعة من إصابات كوفيد-19 وتعطل الإمدادات المستمر يمكن أن يؤثرا على التعافي.
يرى البنك المركزي أن الضغوط التضخمية مؤقتة، لكن استمرارها وحجمها غير مؤكد وستتم مراقبته عن كثب.
أوضح بنك كندا أن التعافي الاقتصادي لا يزال يتطلب الدعم من السياسة النقدية حيث لا يزال الاقتصاد الكندي لديه طاقة فائضة كبيرة. بينما كرر التزامه بالحفاظ على سعر الفائدة عند مستويات منخفضة لحين تجاوز الركود الاقتصادي بحيث يتحقق هدف التضخم عند 2٪. في توقعات البنك لشهر يوليو، من المتوقع حدوث هذا في النصف الثاني من عام 2022.
بنك اليابان يبقي على سياسته التوسعية
احتفظ بنك اليابان بأسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير عند -0.1٪ كما أبقى على هدف عائد السندات الحكومية لمدة 10 سنوات عند حوالي 0٪ خلال اجتماعه في سبتمبر بتصويت 8-1. وعكس البيان نبرة سلبية بشأن الصادرات ومخرجات المصانع بسبب اضطرابات سلاسل التوريد. عانى الاقتصاد الياباني من ضعف مستويات التوظيف والدخل بسبب تداعيات جائحة كورونا. كما استمر ركود الاستهلاك الخاص نتيجة استمرار التراجع القوي في استهلاك الخدمات.
استقر معدل التضخم السنوي لمؤشر أسعار المستهلكين قرب المستويات الصفرية ولم تشهد توقعات التضخم أية تغييرات. أكد بنك اليابان أنه لن يتردد في اتخاذ المزيد من الإجراءات التحفيزية إذا لزم الأمر، وتوقع أن تظل أسعار الفائدة قصيرة وطويلة الأجل عند مستوياتها الحالية أو أدنى.

اجتماع المركزي السويسري دون تغييرات كالمتوقع
أبقى البنك السويسري الوطني على سعر الفائدة دون تغيير عند -0.75٪ كما أشارت توقعات الأسواق. وقد ذكر البنك أن استمرار السياسة التوسعية لا يزال ضرورياً لضمان استقرار الأسعار وتقديم الدعم للاقتصاد الوطني. على عكس البنوك الأخرى التي تتجه إلى تشديد السياسة مع تعافي الاقتصادات بعد الوباء، فإن البنك الوطني السويسري قد يبقي على سياساته الحالية لفترة طويلة.
رفع البنك الوطني السويسري توقعاته للتضخم بشكل طفيف من 0.4٪ إلى 0.5٪ لعام 2021 ومن 0.6٪ إلى 0.7٪ لعام 2022 بسبب ارتفاع أسعار الطاقة بالإضافة إلى ضعف المعروض. لعام 2023، أبقى البنك على توقعات التضخم دون تغيير عند 0.6٪. من ناحية أخرى، تم خفض توقعات الناتج المحلي الإجمالي من 3.5٪ إلى 3٪ لهذا العام، مع توقعات بالعودة إلى مستويات ما قبل الأزمة بحلول النصف الثاني من العام. كالمعتاد كرر البنك الوطني السويسري استعداده للتدخل في أسواق الصرف الأجنبي عند الضرورة للحفاظ للتخفيف من الضغوط الصعودية على الفرنك، حيث يرى أن قيمته لاتزال مرتفعة.
السياسات النقدية حول العالم
خفض البنك المركزي التركي سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء لمدة أسبوع واحد بمقدار 100 نقطة أساس إلى 18٪ خلال اجتماعه في سبتمبر، على عكس توقعات السوق، مشيراً إلى أن السياسة النقدية التشددية تسببت في تراجع القروض التجارية. وقد أكد البنك التزامه بالحد من نمو القروض الشخصية. قال صناع السياسة إن الزيادة في التضخم لا تزال مؤقتة مدفوعة بارتفاع أسعار المواد الغذائية والواردات، بسبب قيود العرض والتوسع في الطلب بعد إعادة فتح الاقتصاد.
في البرازيل، رفع البنك المركزي سعر الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس إلى 6.25٪ في سبتمبر، كما كان متوقعًا. كانت هذه هي الزيادة الخامسة في سعر الفائدة في عام 2021 ويتوقع صانعو السياسة زيادة مماثلة في الفائدة خلال الاجتماع المقبل.
كالمتوقع، أبقى بنك الصين الشعبي على أسعار الفائدة دون تغيير للشهر السابع عشر على التوالي في سبتمبر. تم الإبقاء على معدل الفائدة الأساسي على القروض لأجل عام (LPR) دون تغيير عند 3.85٪، بينما ظل معدل الفائدة على فترة الخمس سنوات عند 4.65٪.